إحدى حفيدات زنوبيا السورية ؛ نظيفة العقل ؛ جميلة الإطلالة ؛ ذات حسب نمير ، و تعمل في إحدى الدول الخليجية ؛ منذ زمن طويل ؛ قبل وقوع الأزمة السورية . قرَّرتْ وعائلتها قضاء الإجازة الصيفية هذا العام ؛ في إحدى الدول ، التي بقيت ردحاً طويلاً تحت المظلة السوفيتية ..!! و استقلَّتْ عام 1991 .. . لجمال طبيعتها .
ذهبتْ إلى مقرِّ القنصلية ، وقدَّمتْ جميعَ الأوراقِ الثبوتية ؛ وشهاداتِها العلمية و مؤهلاتها العملية ؛ وحتى شهادةَ حسنِ سلوك ..تثبت صحتها النفسية . وفي المقابلة الشفهية ؛ كتبوا لها ، أنها سيدة سورية أنيقة و مهذبة ومثقفة .. و حالتها الصحية و النفسية ممتازة ؛ حسب المعايير الطبية . .. لكن النتيجة تقول :
" غير مقبولة و ليس بإمكانك السفر .. و أنت ممنوعة من الدخول .. لأن جنسيتك سورية ".
والأنكى من ذلك ؛ أنه أثناء المقابلة ؛ لم يسألْها أحدٌ إن كانت سنّية أو شيعية و لا مسيحية أو درزية .. لا علوية و لا اسماعيلية.. ولا إذا كانت كردية أو أرمينية أو آشورية أو تركمانية ..أو...!!
و هي تشكو همَّها ، كان صوتُها حزيناً ومفعماً حتى الثمالة بالكرامة السورية .. تساءَلتْ قائلةً : لماذا الأختامُ ترتجفُ لرؤيةِ جوازِ السفرِ السوريّ ؟! .
و يحاولوا ، و يتعمَّدوا ، أن يشعروكَ ، بأن السوريَّ مرفوضٌ و منبوذ ، رغم أنَّه يحملُ أرقى جنسيةٍ في الكون ..!! و بمجرد أن تذكرَ جنسيتك السورية ، يشعرونك ، وكأن غضبَ الله عليك قد حلّ ، وأصبحتَ عن دين الله مرتدّاً ، وأنك صحياً مصابٌ بوباء الكوليرا و الإيدز و السل !! لماذا.. لماذا..؟؟
مرةً ؛ يطلق علينا السوريين بالوافدين و أحياناً لاجئين ..و بالأمس القريب و ليس بالبعيد .. كان أمثال هؤلاء ضيوفاً عندنا ، ولم نعتبرُهم إلا إخوانَنا و ضيوفَنا . معهم تقاسمْنا رغيفَ خبزِنا السوري ؛ لذيذ الطعم ، و لكن فيه ملحٌ ، لمن يجيدُ التذوّقَ... يا حيف !!
اختنقَ صوتُها ، وتوقَّفَ ..الاتصال..!! ثوان معدودات ..
قلتُ لها : لا يغيبُ عنك ، أنَّ لهيبَ النارِ لا يزيدُ الذهبَ إلا لمعاناً و بريقاً و نقاوةً .